تعيين المهملة بالظّن؟ هذا بعض الكلام في الوجه الثّالث.
وأمّا الكلام في الوجه الرّابع وهو إجراء دليل الانسداد في كلّ من الأصول والفروع مستقلاّ ، فقد عرفت : أنّه يقع في موضعين :
أحدهما : فيما جرى في الحكم الأصولي بقول مطلق.
ثانيهما : فيما جرى في الحكم الأصولي الثّابت بإجراء دليل الانسداد في الحكم الفرعي.
أمّا الموضع الأوّل فقد علم حكمه ممّا ذكرنا من الكلام على الوجوه المتقدّمة ، وأنّه لا يثبت به على تقدير الإغماض عمّا يرد عليه ، إلاّ خصوص الظّن المتعلّق باعتبار ما لا يفيد الظّن بالواقع ، وأين هذا من حجيّة الظّن المتعلّق بالمسألة الأصوليّة على الإطلاق ومن تعيين المهملة في الفروع بالظّن؟
حيث إنّك قد عرفت مرارا : أنّ نتيجة المقدّمات حجيّة الظّن الشخصي ليس إلاّ ، وأمّا الموضع الثّاني ؛ فيتوجّه عليه ـ مضافا إلى عدم تماميّة المقدّمات بالنّسبة إلى الحكم الأصلي ولو في مفروض المقام ؛ حيث إنّه لا دليل على بطلان الاحتياط بالجمع بين جميع محتملات الشبهة من لزوم الحرج وغيره ، ودعوى قيام الإجماع عليه كما ترى ، كدعوى دوران الأمر في كلّ ظنّ بين الوجوب والتّحريم ؛ نظرا إلى حرمة العمل به على تقدير عدم حجيّته في حكم الشارع لما أسمعناك مرارا : من أنّ الحرمة التّشريعيّة لا تمنع من الاحتياط ؛ لارتفاع موضوعها بالاحتياط كما هو ظاهر ، فلا يجتمعان موضوعا حتّى يمنع من جريان الاحتياط ـ :
أنّ النّتيجة هو اعتبار الظّن بتعيين المهملة في الفروع على سبيل الإجمال