هداية
الأقوى ـ وفاقا لجمع كثير من أصحابنا ومخالفينا ـ أنّه لا مفهوم في العدد ، بل وادّعى بعضهم وفاق أصحابنا فيه (١). وحكي القول بالإثبات مطلقا (٢) ، ولم نعرف قائله. وفصّل جماعة منهم الآمدي في ذلك ، فقال ـ على ما حكي عنه ـ : إنّ الحكم إذا قيّد بعدد مخصوص ، فمنه ما يدلّ على ثبوت ذلك الحكم فيما زاد على ذلك العدد بطريق أولى كما لو حرم الله جلد الزاني بمائة ، وقال : « إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا » ومنه ما لا يدلّ على ثبوت الحكم فيما زاد عليه بطريق أولى ، وذلك كما إذا أوجب جلد الزاني بمائة أو أباحه ، فإنّه مسكوت عنه ، مختلف في دلالته على نفي الوجوب والإباحة فيما زاد ، متّفق على أنّ حكم ما نقص كحكم المائة لدخوله تحتها لكن يمنع الاقتصار (٣). فاختار في الأوّل الدلالة وفي الثاني العدم.
وفصّل بعضهم (٤) بين ما وقع جوابا عن المقيّد كأن يقول : « نعم » في جواب هل اجلد الزاني ثمانين؟ فلا يفيد ؛ لظهور كون الفائدة فيه غير المفهوم ، وبين ما إذا وقع جوابا عن المطلق فمع عدم ظهور فائدة غير المفهوم فانّه لا بدّ من حمله على المفهوم ، لئلاّ يلزم العراء عنها.
__________________
(١) ادّعاه المحقّق الكلباسي في الإشارات ، الورقة : ٣٥٤.
(٢) حكاه المحقّق النراقي في المناهج : ١٣١ ، بلفظ : وقيل حجة مطلقا.
(٣) الإحكام في اصول الأحكام ٣ : ١٠٣.
(٤) نسبه المحقّق الكلباسي في الإشارات إلى بعض الأواخر.