وقد يحتجّ للقول بالإباحة بأقيسة مشهورة وأمثلة عرفيّة (١) ، كالاستظلال بحائط الغير والاستضاءة من نوره والاصطلاء بناره. وليس على ما ينبغي ، للقطع بالفرق من حصول الإذن فيها دون غيرها كما لا يخفى.
واحتجّ القائل بالحظر بوجهين :
الأوّل : ما مرّ الإشارة إليه مرارا : من أنّ ارتكاب تلك الأفعال تصرّف في ملك الغير بغير إذنه ، فإنّ العبد في مقام العبوديّة لا يملك شيئا حتى نفسه فكيف لغيرها! والتصرّف في ملك الغير بغير إذنه قبيح فيحرم التصرّف فيها (٢).
والجواب عنه : أنّ قبح التصرّف في ملك الغير مطلقا عقلا (٣) ممنوع ، بل ما يستلزم (٤) التضرّر للمالك أو في صورة منع المالك وإن لم يستلزم ضررا بالنسبة إلى المالك ، فإنّ التصرّف في ملك الغير لا يستقلّ العقل بإدراك حكمه بعنوان نفسه ، بل من حيث أوله إلى عنوان آخر يستقلّ العقل بإدراك حكمه كالظلم ونحوه ، وعند انتفاء التضرّر أو عدم المنع لا قبح فيه ، لعدم رجوعه إلى عنوان قبيح. نعم ، في الصورتين المذكورتين يرجع إلى الظلم.
أمّا الأولى : فظاهر.
وأمّا الثانية : فلأنّه بعد تسليم تسلّط المالك على ملكه وعدم إذنه في التصرّف ومنعه منه بعد التصرّف فيه بغير إذنه ظلما ، فإنّه وضع الشيء
__________________
(١) كما احتجّ بها المحقّق القمّي في القوانين ٢ : ٩.
(٢) انظر الذريعة ٢ : ٨٢١ ، والمختصر وشرحه للعضدي : ٧٧.
(٣) لم يرد « عقلا » في ( ط ).
(٤) في ( ش ) : « ما لا يستلزم » ، وفي ( ط ) : « ما لم يستلزم ».