فلا يتصوّر النزاع في ذلك إلاّ ممّن ينكر حجّيّة الإدراكات القطعيّة العقليّة ، والمفروض : أنّ العقل مذكور في عداد الأدلّة والمسألة أصوليّة ، إذ المقصود فيها إثبات دليليّة العقل للحكم الشرعي.
وبالجملة ، فما أفاده لا يكون دليلا للحكم الشرعي. ولعلّه إنّما أخذ ذلك من كلام المحقّق اللاهيجي ، حيث قال : « إنّ العقل رسول في الباطن ، كما أنّ الرسول عقل في الظاهر » (١) فإنّ المستفاد من كلماته في موارد عديدة : أنّ العقل لسان الشرع وطالب من قبله ، كما أنّ الرسول في الظاهر مبيّن أحكامه.
وكيف كان ، فلا وجه لما ذكره أيضا ، إلاّ أن يكون ذلك منه لبيان مقام (٢) آخر غير دلالة العقل على حكم الشرع كما هو (٣) الكلام في المسألة الأصوليّة المعبّر عنها بقولنا : « كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع »
واعلم أنّ هذه القضيّة تحتمل وجوها :
أحدها : أن يراد منها : أنّ كلّ ما حكم به العقل حكم بمثله الشرع ، وهذا يلائم قولهم : « إنّ العقل والشرع متطابقان » فإنّه ظاهر في تعدّد الحكمين (٤) وتغايرهما ، من جهة أنّ أحد الحكمين شرعي والآخر عقلي إرشادي ، وعلى هذا المعنى ففي الموارد التي استقلّ بها العقل حكمان وحاكمان.
وثانيها : أن يراد منها : كلّ ما حكم به العقل حكم بعينه الشرع ، وبعبارة
__________________
(١) گوهر مراد : ٢٤٧.
(٢) في ( ش ) بدل « مقام » : « حكم ».
(٣) في ( ش ) بدل « هو » : « مرّ ».
(٤) في ( ط ) زيادة : « وتطابقهما ».