ومن هنا تعرف أنّه لو أريد من آية « النبأ » (١) نفي الحكم عن مجيء غير الفاسق يكون من مفهوم الوصف أو اللقب ، وإن اريد نفي الحكم عن عدم مجيء الفاسق يكون من مفهوم الشرط.
وبالجملة : فتشخيص الموضوع في القضايا موقوف على تشخيص ما سيق لأجله الكلام المذكور. ولعمري! إنّه غاية ما يمكن أن يقال ، إلاّ أنّه بعد إحالة على على المجهول.
والأولى أنّ الحدود المذكورة إنّما هي حدود لفظيّة لا عبرة بها بعد تميّز المعنى المقصود عن غيره ، كما ذكرنا وجه التميّز.
مع أنّه لا يكاد يظهر الثمرة في تشخيص مصاديق المفهوم عن المنطوق ، عدا ما قيل : من تقدّم المنطوق على غيره. وفيه : أنّ المناط في التقديم على قوّة الدلالة لا على التسمية ، والقوّة غير مخفيّة.
نعم ، تظهر الثمرة فيما لو اشتمل على أحد اللفظين عنوان من عناوين الأدلّة مع إرادة المعنى المصطلح ، ولكنّه لا يكاد يوجد.
الخامس : قسّموا المنطوق إلى صريح وغيره ، وعدّوا المدلول المطابقي من الأوّل اتّفاقا ، وألحق بعضهم (٢) التضمّني به.
فإن كان ذلك اصطلاحا منهم ، فلا مشاحة. وإن كان ذلك بواسطة حصول ما هو المناط في التسمية ، فالأولى إلحاقه بالالتزامي الغير الصريح ؛ ضرورة أنّ وجه الانتقال إلى المدلول التضمّني والالتزامي واحد ، وهو الملازمة بين المعنى المطابقي وغيره ، غاية الأمر أنّ اللازم في أحدهما داخل وفي الآخر خارج ، وذلك لا يوجب الاختلاف في الصراحة.
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) انظر إشارات الاصول ، الورقة : ٢٣٣ ، وشرح مختصر الاصول : ٣٠٧.