هذه الواقعة أو لا. وعلى الثاني فلا كلام فيه في المقام ، وإنّما يبنى الكلام فيه على مسألة عمل الجاهل على الخلاف فيها. وعلى الأوّل فإمّا أن يستقلّ عقله بالتساوي فلا كلام أيضا ، إذ لا يعقل تكليفه بخلاف علمه ، وإمّا أن يكون متردّدا كغيرها من الوقائع المشكوك فيها ، فإذا حاول استعلام حال هذه الواقعة بالتقليد فلا يعقل لرجوعه إلى غير الأعلم على وجه التقليد وجه ؛ لأنّ استعلام حال هذه الواقعة من غير الأعلم لعلّه غير مفيد ، إذ لم يثبت جوازه بعد ، فإن كان ذلك منه على سبيل عدم المبالاة بأحكام الشريعة فالعياذ بالله! وإن كان الاعتماد في الاستعلام المذكور هو قول غير الأعلم فهو دور ، فالمقلّد إذا كان ملتفتا لا بدّ له من الرجوع إلى الأعلم.
نعم ، المجتهد إنّما يجوز له الإفتاء بما ظنّه من الأدلّة الشرعيّة جوازا أو منعا ، فالكلام في المقام إنّما هو فيما يظهر من الأدلّة الشرعيّة للناظر فيها.
فالمجتهد لو بنى على الجواز يفتي به لو راجعه المقلّد ، كما أنّه يفتي بعدمه فيما لو بنى على عدمه.
الثاني : في تأسيس الأصل في المسألة فنقول :
إنّ الظاهر من كلّ من تعرّض المسألة ووصل كلامه إلينا أنّ الأصل مع المانعين. وتقريره : أنّه لا شك أنّ العمل بقول الغير ومطابقة العمل بقوله ـ وهو المعبّر عندهم بالتقليد ـ عمل بما وراء العلم ، سواء كان اعتباره بواسطة حصول الظنّ كما يراه البعض ، أو بواسطة التعبّد كما هو الظاهر على ما ستعرف الكلام فيه إجمالا ، وذلك ظاهر. والأصل المستفاد من الأدلّة القطعيّة كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا ـ على ما مرّ تفصيل القول فيه في محلّه ـ هو حرمة العمل بغير العلم ، خرج منه متابعة الفاضل بالاتّفاق من المجوّزين والمانعين ، فإنّه هو المجمع عليه ، فيبقى متابعة المفضول في عموم حرمة العمل بما وراء العلم.