الشياع يغاير المقيّد قطعا. ودعوى فهم العرف اتّحاد التكليف بناء على ذلك من اللفظ في نفسه جزاف من القول ، لا يساعده دليل ولا اعتبار. نعم ، فهم العرف مسلّم ، لكنّه بواسطة ما صرنا إليه من خروج الشياع ، فتدبّر.
تذنيبان :
الأوّل : قد تكرّر في كلماتهم دعوى انصراف المطلق إلى بعض الأفراد مثل ما يظهر من جماعة (١) : من دعوى انصراف المسح في آية التيمم (٢) إلى المسح بباطن اليد ، وقد عرفت أنّ قضيّة الانصراف كالتقييد اللفظي من أنّ متعلّق الحكم هو الفرد الخاصّ [ على وجه يدور معه الحكم وجودا وعدما فلا يصحّ التيمّم لو وقع المسح بظاهر اليد اختيارا ولو تعذّر الفرد الخاصّ ](٣) فيحتاج إثبات الحكم في فرد آخر إلى التماس دليل آخر ، ومع ذلك فقد تراهم يتمسّكون بنفس الإطلاق لإثبات الحكم في الفرد الغير الشائع عند تعذّر الفرد الشائع ، فقالوا بوجوب المسح بظاهر اليد عند تعذّر المسح بباطن اليد. ويمكن التفصّي عنه بوجهين :
أحدهما : أنّ الاستناد إلى الإطلاق بعد تعذّر القيد إنّما هو فيما إذا قلنا بالتقييد من حيث إنّ المقيّد هو القدر المتيقّن من المطلق ، ولا شكّ أنّ الأخذ بالفرد الآخر بعد تعذّر القدر المتيقّن أيضا احتياط. ولا ينافي ذلك عدم حصول الامتثال به عند إمكان القدر المتيقّن ؛ لأنّ الاحتياط في خلافه حينئذ.
__________________
(١) في ( ق ) : « من بعضهم ».
(٢) المائدة : ٦.
(٣) ما بين المعقوفتين من المطبوع.