الواقعة في كتب القوم وأدلّتهم القائمة على الطرفين وثمرات المسألة المتفرعة عليها على ما هو الشأن في استكشاف أمثال هذه المقاصد ، وسيأتي ما يوضّح ذلك ، فإنّ الإيضاح عند الاستدلال على المقصود (١).
وتوضيح البحث وتنقيحه يقتضي بسطا في المقام ، فنقول : إنّ هنا نزاعين :
أحدهما : أنّ العقل هل يدرك حسن شيء أو قبحه أم لا يدرك؟ فأثبته الإماميّة ومن تابعهم من المعتزلة ، وأنكره الأشاعرة ؛ وحيث إنّ الكلام في المقام ليس من الكلام في مباحث الفن ـ لعدم كون المسألة أصوليّة بل إنّما هو من [ ال ] مبادئ الأحكاميّة ـ فقد طوينا الكشح عن ذكرها ؛ مضافا إلى بداهة المقصود ، حتى أنّ إكثار الكلام فيها ربما يعدّ من العبث ، حيث إنّه لا يفيدنا غير ما هو المعلوم لنا منها بسلامة الوجدان ، مع أنّ فيه غنى عن تجشّم البرهان.
إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم أنّ الحسن والقبح الواقعين في العنوان قد اختلف في تفسيرهما ، فعن بعضهم ـ كالفاضل التوني والفاضل الزركشي ـ تفسيرهما بمجرّد المدح والذمّ دون الثواب والعقاب.
قال الأوّل في محكيّ الوافية : « الحقّ ثبوت الحسن والقبح العقليّين في الجملة ، لقضاء الضرورة ، ولكن في إثبات الحكم الشرعي كالوجوب والحرمة الشرعيّين بهما نظر » (٢). ثم فرّق بين الوجوب العقلي والشرعي باستحقاق الذمّ (٣) على الأوّل والثواب على الثاني. ثم قال بعد ذكر أمور من وجوه النظر : فإن قلت :
__________________
(١) توجد هنا اختلافات في النسخ ، وقد أثبتنا ما في المخطوط ، ولم نتعرض للاختلافات ؛ لعدم الفائدة.
(٢) الوافية : ١٧١.
(٣) في نسخة بدل ( ش ) : « المدح » ، وفيها بعد كلمة « الذمّ » زيادة : « أي على تركه ».