فإنّ احتمال فساد أصل التقليد لا ينافي احتمال صحّة الملازم لاحتمال حرمة العدول الموجب للتخيير العقليّ.
ثم إنّه ذهب جماعة (١) من المعاصرين ومن قاربهم في العصر إلى التفصيل المذكور ، بل ربما يدّعي بعضهم كونه من المسلّمات. واستدلّوا على المنع في البدويّ بما عرفت من الأدلّة السابقة وعلى الجواز في الاستمراريّ بوجوه :
الأوّل : الاستصحاب وتقريره بوجوه :
منها : استصحاب الأحكام الثابتة في ذمّة المقلّد ، كحرمة العصير العنبي مثلا بواسطة التقليد قبل موت المجتهد.
ومنها : استصحاب الأحكام المتعلّقة بوجوب القصر عند ذهاب أربعة فراسخ مثلا. ومرجعه إلى استصحاب الملازمة الفعليّة ، فيكون من الاستصحاب التنجيزي كما حرّر في محلّه.
ومنها : استصحاب صحّة التقليد ، كما إذا شكّ في صحّة البيع مثلا.
ومنها : استصحاب حرمة العدول على القول بها.
والجواب : هو ما قدّمناه في استدلال المجوّزين على الإطلاق. وحاصله :
أنّا قد بيّنا في محلّه : أنّ من شرائط جريان الاستصحاب العلم ببقاء الموضوع وهو غير حاصل ، إمّا للعلم بارتفاعه على القول بارتفاع الظنّ أو عدم العلم ببقائه.
والعمدة في الاستدلال بهذه الاستصحابات الغفلة عمّا يدور عليه رحى الاجتهاد والميل عن طريق المجتهدين بسلوك سبيل وعر سلكه الظاهريّون الأخباريّون من أصحابنا ، وإن كان هؤلاء لا يرضون أيضا بالتمسّك بالاستصحاب ، كما لا يخفى على المتأمّل.
__________________
(١) مثل الأصفهاني في الفصول : ٤٢٢ ، والسيد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٦٢٤.