ابتداء صدور الخطاب إلى انتهاء التكليف. والسرّ فيه : أنّ المكتوب إليه ينتقل من الوجود الكتبي إلى الوجود اللفظي ومنه إلى المعنى فمن حيث هو قارئ متكلّم ، ومن حيث إنه من المقصودين بالخطاب مستمع (١) ، انتهى كلامه.
أقول : وما أفاده أمر معقول ، لكنّه موقوف على وجود ما يدلّ عليه ، ولم نقف على ما يقضي بذلك الاعتبار ، مع أنّ ما ذكره في السرّ ليس أمرا ظاهرا لا يقبل المنع ، لاحتمال الانتقال من الكتب إلى المعنى من دون توسيط اللفظ فينتفي اعتبار الخطاب باللفظ. وأما الأمر بالكتابة والحفظ ـ كما هو ثابت ـ فلا دليل فيه على ما ذكره ، لاحتمال فوائد شتّى غير ما ذكره.
ثم إنّه قد طال التشاجر بين القوم في الاحتجاج على الأقوال المذكورة وتصحيحها وتزييفها ، ولا نرى طائلا تحتها.
فالأولى أن نختم الكلام بذكر امور ينبغي التنبيه عليها :
الأوّل :
الظاهر عدم الفرق بين المعدوم والغائب عن مجلس الخطاب في عدم تحقّق المخاطبة لو لا التنزيل ، كما تقدّم إليه الإشارة. واستواء الكلّ بالنسبة إليه تعالى غيبة وحضورا لا يجدي في المقام.
أمّا أوّلا : فلأنّ ذلك مبنيّ على أن يكون المخاطب ـ بالكسر ـ هو الله تعالى ، ولا دليل عليه ، فإنّ ذلك موقوف على تشخيص ما وقع به الخطاب من مراتب القرآن لو كان اسما لجميع مراتبه ، وإلاّ فهو موقوف على تشخيص معنى
__________________
(١) شرح الوافية : ١١٢.