وقد استدل على المطلوب بوجوه أخر أعرضنا عن ذكرها ؛ لعدم اعتمادنا في إثبات المدعى على غير الأوّلين من الأصل والإجماعات المعتضدة بظهور الاتفاق ، ولابتنائها على أنّ الموت يوجب زوال الظن وقد عرفت الكلام في ذلك ، وأنّه لا بدّ وأن يرجع فيه بالأخرة إلى الأصل.
فقد تحقّق وتبيّن مما ذكرنا : أنّه على فرض عدم تماميّة حجج القول بالمنع لا يثبت دعوى المجوّزين أيضا إلاّ باقامة ما يعتمد عليه من الدليل.
[ وجوه القول بجواز تقليد الميّت ومناقشتها ] :
وللقول بالجواز أيضا وجوه :
فمنها : الكتاب والسنة والإجماع والعقل.
ومنها : أنّه لو لم يجز تقليد الميّت لما أجمعوا على النقل إلى السلف ، وعلى وضع الكتب.
بيان الملازمة : أنّه لا فائدة في هذين إلاّ العمل بأقوال السلف والاعتماد عليها في العبادات والمعاملات ، وليس هذا إلاّ التقليد. ولا ينافي ذلك كون الراجعين إلى كتبهم هم العلماء ؛ فإنّ العمل بقول الموتى على تقدير حرمته يساوي فيه العامي والعالم.
ومنها : أنّ كثير البلاد وكثير الأزمنة فاقدة للمجتهد الحي ، فلولا جاز العمل بقول الميّت لزم العسر والحرج (١).
__________________
(١) لا يخفى ما في التعبير من الضعف.