تقارنهما في هذه الملاحظة وإن تقدّم أحدهما على الآخر بحسب الذات ، فالحاكم في مثل المقام هو رجحان أحد التصرّفين على الآخر ، وقد عرفت أنّ التخصيص أرجح من غيره. ومن هنا يظهر فساد القول بالوقف في المقام.
وأمّا الثاني : فالأمر فيه أيضا ظاهر ممّا مرّ ، إلاّ أنّ القائل بالنسخ في المقام الأوّل يقول به في الثاني بطريق أولى.
الرابعة : أن يجهل التقارن والتقدّم ، سواء علم تاريخ أحدهما أو لم يعلم ، والظاهر هو التخصيص في جميع الصور ؛ لأنّ الواقع لا يخلو عن إحدى الصور المتقدّمة ، وقد عرفت أنّ التخصيص هو الراجح فيها.
وينبغي التنبيه على أمور مهمّة :
الأوّل : أنّه يظهر الثمرة بين النسخ والتخصيص فيما إذا ورد مخصّصان مستوعبان للعامّ ، فعلى التخصيص يقع التعارض ، لاستهجان استيعاب التخصيص ، بخلاف النسخ ، ومثله ما إذا قلنا باستهجان تخصيص الأكثر وورد خاصّ مشتمل على حكم أكثر الأفراد ، فإنّه على النسخ لا ضير فيه ، بخلاف التخصيص. ومن موارد إمكان ظهور الثمرة ما إذا كان الخاصّ ظنّيّا والعامّ قطعيّا وقلنا بعدم جواز نسخ القطعيّ بالظنّي ، فإنّه يحمل على التخصيص ، فتأمّل.
الثاني : قد تقدّم في بعض الهدايات (١) أنّ تقدّم العامّ على الخاصّ لا يخلو عن إشكال ؛ لاستلزامه إمّا النسخ بعد انقطاع زمان الوحي والإجماع على خلافه ، وإمّا تأخير البيان عن وقت الحاجة التي اتّفقت كلمة أهل المعقول على بطلانه.
__________________
(١) راجع الصفحة : ٢٢٩.