والجواب عن ذلك ما أشرنا إليه في محلّه أيضا : من أنّ الخاصّ الوارد في كلام العسكري عليهالسلام لعلّه كاشف عن خاصّ مقارن للعامّ الوارد في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله أو أنّ العموم حكم ظاهريّ لمن لم يبلغه حكمه الخاصّ ، وإنّما أخفاه من أظهر العامّ لحكمة داعية إلى ذلك. ويؤيّده القطع بأنّ الأحكام الشرعيّة إنّما بلّغها النبيّ صلىاللهعليهوآله على وجه التدريج ، كما يقضي به العادة أيضا.
الثالث : قد عرفت عدم جريان النسخ إلاّ في مورد يكون فيه عموم زمانيّ قابل للتخصيص ، إذ بدونه لا وجه لاحتمال النسخ ، سواء لم يكن هناك ما يتعلّق بحكم الزمان أو كان ولم يكن قابلا للتخصيص ، كما إذا كان من الأدلّة اللبيّة. وعلى هذا يكون موارد احتمال النسخ في غاية القلّة ، فإنّ اقتران الخطابات بعموم زمانيّ قليل جدّا. وقد تبيّن وجه العموم من وجوه : كعموم ما دلّ على أنّ « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة » (١) وكظهور الأدلّة الخاصّة مثل قولك : « الكلب نجس » في العموم ، وكظهور تأسيس الشرائع والأحكام في العموم ، كاستصحاب الأحكام ، وكإطلاق الأوامر بالنسبة إلى الأزمان.
وفيه : أنّ الأوّل إنّما هو في بيان عدم انقراض أصل الشريعة ، ولا ينافي ذلك نسخ بعض أحكامها ، كما يظهر من موارد ثبوت النسخ ، فإنّها لا تنافي الأخبار المذكورة. والثاني كالثالث ، ولا دلالة فيهما على العموم ، وعلى تقديره فلا يقبل التخصيص. وأمّا الاستصحاب فهو ممّا لا مساس له بالمقام. وإطلاق الأوامر لا يجدي ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه على تقدير وجود العامّ الزماني فمرجع البحث إلى تعارض الظاهرين.
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٨ ، الحديث ١٩.