الثالث من الامور (١) : في بيان الأقوال في المسألة :
فقيل بالإباحة (٢). وقيل : بالحظر (٣). وتوقّف شيخ الأشاعرة (٤) ، وفسّر تارة بعدم الحكم (٥) ، واخرى بعدم العلم بالحكم (٦).
قلت : إنّ التفسير الأوّل يلائم مذهب الأشاعرة بعدم حكم للعقل في أمثال المقام ، كما عن الحاجبي (٧) وأضرابه ، والتفسير الثاني يلائم كون هذا البحث إحدى مسألتي التنزّل والمماشاة ، كما لا يخفى.
وإذ قد عرفت هذه الامور فالمنقول من حجج المبيحين امور :
أحدها : ما نقله الشيخ في محكيّ العدّة (٨) : من أنّ تلك الأفعال منفعة بلا مضرّة. أمّا إنّها منفعة فبالفرض ، وأمّا إنّها بلا مضرّة ؛ لأنّها لو كانت فيها مضرّة آجلا أو عاجلا لوجب على الحكيم اللطيف نصب أمارة مفيدة للعلم ولا أقلّ من الظنّ المفيد للوثوق عليها والمفروض عدمها.
__________________
(١) تقدّم ثانيها في الصفحة : ٤٠٣.
(٢) ذهب إليه المرتضى في الذريعة ٢ : ٨٠٩ وفي العدّة ٢ : ٧٤٢. نسبه إلى أكثر المتكلمين من البصريين وفي المناهج : ٢٠٨ نسبه إلى كثير من الامامية.
(٣) قال الشيخ : ذهب كثير من البغداديين وطائفة من أصحاب الامامية إلى انها على الحظر. العدة ٢ : ٧٤٢.
(٤) كما نسب إليه في المناهج : ٢٠٨ والفصول : ٣٤٦ واختاره الشيخان. انظر مختصر كتاب اصول الفقه : ٤٣ والعدة ٢ : ٧٤٢.
(٥) نسبه في المناهج : ٢٠٨ إلى الرازي.
(٦) كما فسّر به النراقي في المناهج : ٢٠٨.
(٧) انظر المختصر وشرحه : ٧٧ ـ ٧٨.
(٨) العدّة ٢ : ٧٤٦ ـ ٧٤٧.