التزامه من المورد ، فبدون التنزيل لا يعقل الخطاب في المقامين ، ومعه لا إشكال فيهما. نعم ، ذلك إنّما نعقله فيما هو بأيدينا من الخطابات. وأمّا خطابه تعالى فلا يعرف وجه التنزيل فيه كما لا يعرف سائر وجوه التصرّف في كلامه تعالى.
اللهم إلاّ أن نقول : إنّ المعلوم عندنا هو تكلّمه بكلام من ينزّل المعدوم منزلة الموجود ، فتدبّر.
الثاني :
ذكر بعضهم : أنّ الغرض من هذه المسألة وذكرها بيان الحقّ فيها ، فلا يترتّب عليها أثر عمليّ ، إذ الظاهر تحقّق الإجماع على مساواة جميع الامّة في الحكم (١). واعترض عليه بعض المحقّقين (٢) بأنّه غفلة ، لوجود الثمرة في مقامين :
أحدهما : أنّه على الشمول لا بدّ من الأخذ بما هو ظاهر من الخطاب ، لامتناع الخطاب بما هو ظاهر وإرادة خلافه من دون دلالة : وعلى العدم فلا بدّ من تحصيل متفاهم المتشافهين والتحرّي في استحصاله ، فإن حصل العلم به فهو ، وإلاّ عملنا بالاجتهاد في تحصيل ما هو الأقرب إليه.
وأورد عليه بعض الأجلّة (٣) بأنّه على العدم لا وجه للفرق بين المخاطب وغيره في حجّيّة الظواهر ، فإنّ ذلك أمر متّضح الفساد منحرف عن منهج السداد ، للإجماع على حجّيّة ظواهر الألفاظ في حقّ السامعين مطلقا ، ولو لا ذلك لم يعتبر ظواهر الأقارير والوصايا والعقود والشهادات ، ونحو ذلك.
__________________
(١) الوافية : ١٣٤.
(٢) انظر المناهج : ٩١.
(٣) الفصول : ١٨٤.