تذنيب :
قضية ما عرفت من معنى اللفظ وعدم اعتبار شيء في الموضوع له من الوجوه الطارية والقيود اللاحقة هو عدم الفرق بين تعلّق الأمر بالطبيعة أو النهي بها بحسب القواعد اللفظيّة الممحّضة في تشخيص مداليل اللفظ بحسب الأوضاع اللغويّة ، فإنّ قولك : « لا تضرب » لا يفيد سوى وجوب ترك ماهيّة الضرب المفروض كونها (١) لا يزيد عليها شيء من الاعتبارات. نعم ، ملاحظة ماهيّة الضرب على وجه الشيوع والسراية التي هي أحد الوجوه الطارئة عليها ثمّ النهي عنها يوجب التكرار والدوام ، وقد عرفت أنّ ذلك خارج عن معنى اللفظ فلا بدّ له من التماس دليل آخر كما هو المحتاج في الأمر أيضا.
والقول بالفرق من حيث إنّ قولنا : « اضرب » و « لا تضرب » متناقضان ، فلا بدّ من القول بإفادة النهي التكرار ـ بملاحظة المناقضة (٢) ـ واضح الفساد ، لما عرفت من أنّ نفس المعنى ممّا يصحّ اجتماع المتناقضين فيه ، ولذا لا تناقض بين وجود زيد الانسان وعدم عمرو الانسان. فإن أريد ثبوت المناقضة بمجرّد ملاحظة نفس المعنى فهو فاسد ، لجواز اجتماع النقيضين في مقام نفس المعنى كارتفاعهما. وإن أريد ثبوته باعتبار آخر فهو لا ينافي ما نحن بصدده.
__________________
(١) في ( ق ) بدل « المفروض كونها » : « التي ».
(٢) في ( ق ) : « دفعا للمناقضة ».