وأمّا الثالث ، فلأنّ الأعلميّة لا تقتضي صعوبة العمل بالفتوى ، بل ربّما يكون العمل بفتاوى غير الأعلم أصعب ، لكثرة إفتائه بالاحتياط باعتبار عدم اقتداره على استخراج حكم المسألة مثل الأعلم ، خصوصا إذا كان خائضا في بحر التقوى والورع ، وهذا واضح.
وقد استدلّ على الجواز بوجوه أخر ضعيفة أعرضنا عنها ؛ لأنّ فيما ذكرنا غنية عن غيره.
[ وجوه القول بوجوب تقليد الأفضل ] :
حجّة المختار ـ زيادة عمّا سمعت من الأصل السالم عن المعارض ، والإجماعات ـ : الأخبار والاعتبار :
أمّا الأخبار : فمنها مقبولة عمر بن حنظلة التي رواها المشايخ الثلاثة ، « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ـ إلى أن قال ـ : فإنّ كلّ واحد منها اختار رجلا من أصحابنا فتراضيا أن يكونا ناظرين في حقّهما ، فاختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم فقال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر ... » (١).
دلّت على تقديم قول الأفقه والأصدق في الحديث على قول غيرهما عند الاختلاف في حكم الله تعالى.
لا يقال : المراد بالحكم هو فصل الخصومة بقرينة السؤال في منازعة الرجلين في دين أو ميراث ، فلا دلالة لها على تقديم فتوى الأفقه.
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ ، الحديث ١٠ ، ومن لا يحضره الفقيه ٣ : ٨ ، الحديث ٣٢٣٣ ، والتهذيب ٦ : ٣٠١ ، الحديث ٨٤٥ ، وعنها في الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.