ثمّ من أعجب العجائب أنّ صاحب الوافية (١) استدلّ على جواز تقليد الميّت : بالعسر والحرج المنفيّين ، فهما يندفعان به ، قائلا : بأنّ العسر كما يندفع بتقليد الحيّ كذلك يندفع بتقليد الميّت.
وجوابه من الواضحات يعرفه القروي والبدوي.
هذا فراغ كلامنا عن وجوب تقليد الحي ، ومن شاء فليتخذ مع الحق سبيلا.
وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّه لا فرق عندنا وعند المشهور في اشتراط حياة المجتهد بين التقليد الابتدائي والاستمراري ، ولكن حدث لبعض مشايخنا في الأصول ـ كصاحب الفصول (٢) وبعض من يقاربه في الزمان (٣) ـ قول بالفصل بينهما ، فذهبوا إلى عدم الاشتراط في الثاني زاعمين أنّه غير مندرج تحت إطلاق كلمات المانعين ، ولم نجد لهذا التفصيل مصرّحا من الأوائل والأواسط ، غير أنّ شارح الوافية (٤) نسبه إلى ميل بعض المتأخرين ثمّ استقربه ، بل الظاهر من كلمات الأصحاب ومعاقد الإجماعات عدم الفرق بينهما كما ستعرف ، حتّى أنّ سوق كلام صاحب الوافية مما يشعر بحداثة ذلك التفصيل الذي مال إليه بعض المتأخّرين
__________________
(١) الوافية : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٢) الفصول : ٤٢٢.
(٣) مفاتيح الاصول : ٦٢٤.
(٤) شرح الوافية : ٤٧١.