مثل استدلالهم بالأخبار الواردة في فضيلة العلماء (١) ، مثل ما دلّ على ترجيح مدادهم على دماء الشهداء (٢) على جواز تقليد الميّت. وهذه الأدلّة من أقوى الأدلّة على أنّ المستدلّ إنّما لم يبلغ إلى ما هو المبحوث عنه في المقام ، وإلاّ فهو أجلّ من ذلك.
تذنيب :
اختلف القائلون بوجوب الفحص في مقداره ، فنسب إلى القاضي لزوم تحصيل القطع (٣) والأكثرون على كفاية الظنّ واحتجّ القاضي : بأنّ القطع ممّا يتيسّر حصوله للمجتهد بالفحص ، فلا بد من تحصيله.
أمّا الأوّل : فلأنّ الحكم المستفاد من العامّ إن كان ممّا كثر البحث عنه ولم يطّلع على ما يوجب تخصيصه ، فالعادة قاضية بالقطع بانتفائه ولو قبل الفحص ، وإلاّ فبحث المجتهد يوجب القطع بانتفائه ، إذ لو اريد بالعامّ الخاصّ لأطلع عليه ، فإذا حصل الفحص ولم يطّلع عليه وجب البناء على العموم.
وأمّا الثاني : فلقضاء صريح العقل بعدم الاقتناع بالظنّ عند إمكان تحصيل العلم ، إلاّ أن يدلّ على ذلك دليل من الشرع.
واجيب عنه بوجوه مرجعها إلى منع حصول القطع من الفحص ، فلا بدّ من الاكتفاء بالظنّ (٤).
__________________
(١) انظر الكافي ١ : ٣٢ ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.
(٢) الفقيه ٤ : ٣٩٨ ، الحديث ٥٨٥٣ ، والوافي ١ : ١٤٥.
(٣) نسبه إليه الآمدي في الإحكام ٣ : ٥٦ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٢٠٠ وغيرهما.
(٤) انظر الإحكام للآمدي ٣ : ٥٧.