هداية
بعد ما عرفت من أنّ ظاهر الجملة الشرطيّة سببيّة الشرط للجزاء على وجه الانحصار ، فلو تعدّد الشرط فلا بدّ من الخروج عن ذلك الظاهر ، وذلك يحتمل وجوها :
أحدها : تخصيص مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر ، فقول الشارع : « إذا خفي الأذان فقصّر » (١) و « إذا خفي الجدران فقصّر » (٢) يراد من كلّ منهما انتفاء وجوب القصر عند انتفاء السبب الآخر أيضا. والوجه في ذلك ما هو المعروف : من أنّ دلالة اللفظ على منطوقة أقوى من دلالته على مفهومه ، ولا ريب أنّه عند التعارض يقدّم الأقوى.
وثانيهما : رفع المفهوم فيهما. ويظهر الثمرة أنّه على الأوّل يستدلّ بهما على عدم مدخليّة شيء آخر في الجزاء المفروض ، بخلافه على الثاني.
وعلى الوجهين لا ريب في لزوم المجاز على القول باستناد المفهوم إلى الوضع. وقد يتوهّم أنّه على القول بالتضمّن لا يكون هناك مجاز. وهو وهم ؛ إذ على تقديره يلزم استعمال اللفظ الموضوع للكلّ في الجزء.
وثالثها : تقييد إطلاق الشرط في كلّ منهما بالآخر وجودا فيكون المراد في المثال المذكور « إذا خفي الأذان عند خفاء الجدران فقصّر » أو عدما فالمعنى
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ، نعم يوجد ما يدلّ عليه ، راجع الوسائل ٥ : ٥٠٦ ، الباب ٦ من أبواب صلاة المسافر ، الحديث ٣.
(٢) لم نعثر عليه بعينه أيضا ، ويدلّ عليه ما في المصدر المتقدم ، الحديث الأوّل.