وليس ذلك راجعا إلى تفصيل التوني (١) ، فإنّه يعتقد ذلك في الفتاوى الموجودة. وهو خطأ وإنّما ذلك مختصّ في زمان الأئمة وما يقرب منه ، حيث إنّه لم يكن الفقه والاستنباط بهذه الصعوبة ، كما لا يخفى على المطّلع.
وإذ قد عرفت ما ذكرنا في المقدّمة ، فالذي يدلّ على المختار وجوه :
الأوّل : أصالة حرمة العمل بالظنّ بل بمطلق ما وراء العلم التي دلّت الأدلّة الأربعة بتمامها عليها ، خرج عنها فتوى الحيّ إجماعا ووفاقا منّا ومن القائلين بعدم الانسداد ، بقي الموارد المشكوكة تحت الأصل ومنها فتوى الميّت. ولا مخرج عن هذا الأصل سوى ما تخيله المجوّز ، وستعرف فساده.
فإن قلت : لا نسلّم أنّ الرجوع إلى الحيّ وفاقيّ ، فإنّ القائل بوجوب تقليد الأعلم إذا قال بجواز تقليد الميّت لا يحكم بالمساواة بل المقدّم هو الأعلم ولو كان ميّتا.
قلت : إنّ التخيير عند التساوي يلازم التخيير عند الأعلميّة ، لعدم القائل بالتفصيل ؛ مع أنّ القائل بوجوب تقليد الأعلم لا يقول بجواز تقليد الميّت غالبا ، لاتّحاد المناط.
ولا وجه لمنع الفاضل التوني عن عموم الأدلّة الدالّة عليه واختصاصها للاصول (٢). كيف! وعمومها ممّا لا ينبغي إنكاره ؛ مع أنّ منع العموم يوجب خللا في أمره وأمر نظرائه من الأخباريّة في موارد كثيرة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) الوافية : ٣٠٧.
(٢) الوافية : ٣٠٤.