هداية
يجب تطابق المفهوم والمنطوق في جميع القيود المعتبرة في الكلام والاعتبارات اللاحقة له ، إلاّ في النفي والإثبات. والوجه في ذلك ـ بعد ما عرفت من أنّ الوجه في ثبوت المفهوم هو علّيّة الشرط للجزاء ـ ظاهر ، حيث إنّ العلّية تقضي بارتفاع ما فرض كونه معلولا عند ارتفاع (١) العلّة ، ولا يقضي بارتفاع ما هو أجنبيّ عن العلّة ، فمفهوم قولك : « إن جاءك زيد يوم الجمعة فأكرمه » عدم وجوب إكرام زيد على تقدير عدم المجيء في يوم الجمعة ، لا مطلقا ، فلا ينافي ثبوته في السبت ، إلى غير ذلك ممّا هو معتبر في الكلام.
نعم ، ينبغي استثناء ما هو متفرّع على النفي والإثبات وليس منفيّا ولا مثبتا في الكلام ، وذلك نظير استفادة العموم من النكرة الواقعة في سياق النفي وعدم استفادته من الواقعة في حيّز الإثبات ، كما في قولك : « إن جاءك زيد فأعتق رقبة » إذ المستفاد منه في المنطوق وجوب عتق رقبة مردّدة بين أفراد جنسها على تقدير الشرط ، وفي المفهوم يستفاد عدم وجوب عتق كلّ فرد من الرقبة ، وذلك ليس بضائر فيما ذكرنا ، فإنّه من خصائص النفي والإثبات الواردين على الطبيعة المطلقة ، وليس ذلك من مداليل اللفظ إلاّ على القول بدخول وصف الإطلاق في الموضوع له فيتوجّه النفي في المفهوم إلى ذلك القيد.
__________________
(١) في ( ع ) : « انتفاء ».