في غير محلّه ، ومن المعلوم تعاليه ، تعالى عن الضرر والمنع اقتراحا كما في غيره من الملاّك. ولك أن تقول : إنّ التضرّر في حقّه تعالى ممتنع غير معقول ، وكذلك المنع الاقتراحي. إلاّ أن يحتمل أن يكون بواسطة ضرر متعلّق بنا ، فإنّ أفعاله تعالى معلّلة بالأغراض الراجعة إلينا دفعا للعبث والاستكمال في حقّه تعالى. ومع هذا الاحتمال لا يجوز الإقدام على ارتكاب مثل تلك الأفعال.
ومع ذلك فلا يستقيم وجها آخر في قبال ثاني الوجهين ، لأوله حقيقة إليه ، كما ستعرف.
الثاني : ما استند إليه الشيخ في العدّة (١) : من أنّ في ارتكاب تلك الأفعال إقداما بما لا يؤمن النفس من ضررها ، وهو قبيح.
ولتحقيق الحال في هذا الاحتجاج محلّ آخر ، إلاّ أنّه لا بدّ من الإشارة إليه إجمالا.
فنقول : لا كلام في قبح الإقدام بما يعلم التضرّر كما لا كلام في قبحه فيما لو ظنّ بالضرر. وإنّما الكلام في أنّ الظنّ بالسلامة يكفي في رفع القبح أو لا بدّ من دفع الضرر الموهوم ، وعلى تقدير الكفاية فهل الشكّ في الضرر يجب الاحتراز عنه عقلا أو لا؟
وقد يقال : بأنّه لا قبح في العقول في عدم التحرّز عن الضرر الموهوم ، وغاية ما يقال به (٢) هو الاستحسان العقلي ، ولا يزيد على استحبابه عقلا.
__________________
(١) العدّة ٢ : ٧٤٢.
(٢) في ( ط ) : « وإنّما غاية ما يمكن القول به ».