إلاّ أنّه بمعزل عن التحقيق ـ على ما يظهر من بعضهم (١) ـ حيث إنّ الموارد التي يستكشف منها حال العقلاء في أمور معادهم ومعاشهم من اكتفائهم بالظنّ في السلامة إنّما هو بواسطة انسداد طرق العلم لهم (٢) بحيث لو اقتصروا على المنافع المعلومة والمضارّ المعلومة لزم اختلال نظامهم. وذلك لا ينافي حكمهم بالوجوب فيما لا يعارضه ما هو أقوى منه أو مساو له. وأمّا الضرر المشكوك فلا ينبغي الشك بوجوب التحرّز عنه عقلا ، بل ويظهر ذلك من كلمات المتكلّمين أيضا ، كما يلوح عند حكمهم بوجوب شكر المنعم ، كما لا يخفى. إلاّ أنّ الظاهر من الفقهاء ـ بل كاد أن يكون إجماعا منهم ـ عدم لزوم الاجتناب عنه ، كما فيما لو شكّ في وجوب السفر مع العلم بعدم ترتّب الضرر على تركه ، وكما لو شكّ في الوضوء بترتّب الضرر عليه ، فإنّهم مطبقون على عدم الاعتناء بهذا الشكّ إلاّ عن جماعة من المتأخّرين ، أوّلهم الفاضل الهندي في شرح (٣) الشرح على ما حكاه الأستاذ (٤).
وبالجملة ، فالذي يظهر منهم عدم لزوم الاحتراز شرعا. ولا ينافيه أيضا خلاف بعض المتأخّرين (٥) ؛ لأنّهم ـ على ما صرّح به الفاضل ـ إنّما قالوا به بواسطة زعمهم أنّ موضوع الخوف الصادق مع (٦) الشكّ في الحكم بالإفطار والتيمّم
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) في ( ش ) : « طريق العلم بهم ».
(٣) وهو المناهج السوية في شرح الروضة البهية ، ولكن لم نعثر عليه بعد الفحص التام في المواضع المناسبة.
(٤) لم يرد « على ما حكاه الأستاذ » في ( ش ).
(٥) وهو الفاضل الهندي.
(٦) في ( ش ) بدل « مع » : على.