نعم ، حيث كان استعمال « إلى » و « حتّى » في مثل ذلك تسامحا ، فيمكن فرض الكلام على وجه يستظهر منه الدخول ـ كما في بعض الأمثلة ـ بواسطة القرائن ، وعند عدم القرينة فمع العلم بأنّ النهاية ليست نهاية حقيقيّة ، فلا بدّ من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل في كلّ مورد. ولا وجه للرجوع إلى أصالة عدم الدخول ، فإنّه إن اريد بها عدم دخول الغاية في المغيّا موضوعا ، فذلك معلوم وجدانا كما هو المفروض. وإن اريد بها عدم دخولها فيه حكما فذلك ممّا يختلف فيه قضيّة الأصل بحسب اختلاف موارده. ومع عدم العلم بذلك فالظاهر أنّه يحكم بالدخول نظرا إلى أصالة الحقيقة لو قلنا بأنّ الأداة (١) موضوعة للنهاية الحقيقيّة ، كما هو الظاهر.
وأمّا المقام الثاني ، فاختلفوا في أنّ تقييد الحكم بالغاية هل يوجب انتفاء الحكم رأسا وسنخا عمّا بعد الغاية على وجه لو ثبت له مثل الحكم المذكور بدليل آخر كان معارضا لذلك التقييد أو لا يوجب؟ فالمشهور بل المعظم على الأوّل ، وذهب جماعة ـ منهم السيّد (٢) والشيخ (٣) ـ إلى الثاني. ولا ريب في أنّ اعتبار المفهوم في المقام على القول به إنّما هو مثل اعتباره في الشرط ، من انتفاء سنخ الحكم في جانب المفهوم ، وإلاّ فانتفاء الحكم الشخصي ثابت في اللقب والوصف أيضا ، بل وذلك ضروريّ ؛ ضرورة اختصاص كلّ حكم مختص بموضوع بذلك الموضوع.
ومن ذهب إلى القول الأوّل ومع ذلك يقول يجوز أن يكون الحكم فيما بعد الغاية كالحكم فيما قبلها بالنظر إلى خطاب آخر ، فقد أتى بشيء عجيب! فإنّه إن
__________________
(١) في ( ع ) : « الأدوات ».
(٢) الذريعة ١ : ٤٠٧.
(٣) العدّة ٢ : ٤٧٨.