أراد بالجواز المذكور إمكانه بالنظر إلى ترجيح في جانب الخطاب الآخر فهو جار في جميع المفاهيم ، إذ لا يمنع ترك الظاهر بواسطة ما هو أظهر منه. وإن أراد عدم المعارضة فهو ممّن لا يقول باعتبار المفهوم قطعا ، فلا وجه لعدّ نفسه منهم. ومن العجب! أنّه صرّح بأنّ مفهوم الغاية أقوى من مفهوم الشرط وصرّح بظهور الثمرة عند التعارض بتقديم الأقوى (١).
وأغرب من ذلك ما وجدناه في كلام بعض الأجلّة (٢) ، حيث قال : إنّ النزاع يتصوّر هنا في مقامين : الأوّل أنّ التقييد بالغاية هل يقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها مطلقا أو لا؟ الثاني أنّ التقييد بها هل يقتضي المخالفة بالنسبة إلى الحكم المذكور أو لا؟ فاختار في الأوّل العدم وفي الثاني اختار الدلالة مع اعترافه بأنّ ظاهر كلامهم هو الأوّل.
ثمّ استدلّ على مطلوبه في المقام الأوّل : بأنّ قول القائل : « صم إلى الليل » إنّما يقتضي عرفا ولغة تعلّق طلبه بالصوم المغيّا بالليل ، وظاهر أنّ هذا لا ينافي تعلّق أمره أيضا بصوم الليل إلى الصبح بطلب مستقلّ ، فإنّ مرجع الأمرين إلى طلب الصومين المحدودين. وهذا لا يستدعي خروجه عمّا يقتضيه ظاهر الأمر.
واستدل على الثاني : بأنّ المفهوم من قولك : « صم إلى الليل » انقطاع الصوم المأمور به بذلك الخطاب ببلوغ الغاية. ثمّ حقّق ما ذكره : بأنّ توابع الفعل من القيود اللاحقة للموضوع ، فيجري ذلك مجرى الوصف ، فكما لا نقول به فيه ، فكذلك فيما نحن فيه (٣).
__________________
(١) انظر القوانين ١ : ١٨٦ ، وهداية المسترشدين ٢ : ٥٥٦.
(٢) وهو صاحب الفصول.
(٣) الفصول : ١٥٣ ـ ١٥٤.