بل الكلام إنّما هو في مقتضى الدليل بحسب الوضع واللغة ، ولا شكّ أنّ الأمرين إذا تعلّقا بطبيعة واحدة لا يقتضيان إلاّ إيجاب تلك الطبيعة ، ولا دلالة في اللفظ على غير ذلك بحسب القواعد اللغويّة ، فلا وجه لدعوى فهم العرف من اللفظ تعدّد المكلّف به ، فلو كان ذلك قضيّة العرف فليس إلاّ من جهة أنّ تعدّد التكاليف قاض بتعدّد المكلّف به ، لما ذكرنا سابقا : من أنّ الطبيعة الواحدة على وحدتها لا تتحمّل وجوبين لكونها من اجتماع المثلين ، فينصرف التكليف إلى الوجودات الخاصّة (١) ، فيجب تكرارها على حسب تكرار الأمر. ولا فرق في ذلك بين التكاليف الثابتة باللفظ أو بغيره من الأدلّة اللبيّة ، كما تقدم إليه الإشارة.
وبالجملة ، فالأصل العملي يختلف على حسب ما عرفت ، فلا وجه لما يوجد في كلمات غير واحد منهم من الإطلاق.
وإذ قد عرفت هذه الامور ، فاعلم أنّه ذكر بعض أجلاّء السادة الأعلام (٢) وجوها للقول المشهور ، أقواها ما احتجّ به الفاضل في محكيّ المختلف (٣) ، وتبعه عليه السيّد في شرح الوافية (٤) : أنّه إذا تعاقب السببان أو اقترنا ، فإمّا أن يقتضيا مسبّبين مستقلّين أو مسبّبا واحدا أو لا يقتضيا شيئا أو يقتضي أحدهما شيئا دون الآخر. والثلاثة الأخيرة باطلة ، فتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب.
أمّا الملازمة : فلانحصار الصور في المذكورات.
__________________
(١) في ( ع ) : « وجودات خاصّة ».
(٢) وهو السيّد الطباطبائي بحر العلوم في فوائده المطبوعة بالطبعة الحجريّة : ١٢٦.
(٣) المختلف ٣ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٤) لم نعثر عليه.