هداية
قد عرفت نسبة التفصيل إلى الفاضل التوني. ولا بأس بنقل كلامه ليتّضح مرامه ، قال بعد المنع عن عموم النهي عن التقليد واختصاصه بالأصول ، والمنع من انعقاد الإجماع في جواز التقليد (١) بزعم أنّها مسألة غير معهودة من أيّام الأئمة عليهمالسلام ، والتمسّك بإطلاق الأخبار الخاصّة ، واندفاع العسر والحرج الموجبين للتقليد بمتابعة الميّت أيضا : والّذي يختلج في الخاطر في هذه المسألة : أنّ من علم من حاله أنّه لا يفتي إلاّ بمنطوقات الأدلّة ومدلولاتها الصريحة ـ كابني بابويه وغيرهما من القدماء ـ يجوز تقليده حيّا كان أو ميّتا ، ولا يتفاوت حياته وموته في فتاويه. وأمّا من لا يعلم من حاله ذلك كمن يعمل باللوازم الغير البيّنة والأفراد والجزئيّات الغير البيّنة الاندراج فيشكل تقليده حيّا كان أو ميّتا ، فإنّ من تتبّع وظهر عليه كثرة اختلاف الفقهاء في الأحكام يعلم أنّ قليل الغلط في هذه الأحكام قليل ، مع أنّ شرط صحّة التقليد ندرة الغلط.
والسرّ فيه : أنّ مقدّمات هذه الأحكام لمّا لم يوجد فيها نصّ صريح كثيرا ما يشتبه فيها الظنّ بالقطعيّ. وربما يشتبه الحال فيتوهّم جواز الاعتماد على مطلق الظنّ فيها فيكثر فيها الاختلاف ، ولهذا قلّما يوجد في مقدّمات هذا القسم مقدّمة غير قابلة للمنع ، بل مقدّمة لم يذهب أحد إلى منعها وبطلانها. بخلاف الاختلاف الواقع في القسم الأوّل ، فإنّه يرجع إلى اختلاف الأخبار.
__________________
(١) الصحيح : « المنع من انعقاد الاجماع على منع تقليد الميت ... » ، كما في الوافية : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.