فإن قلت : فعلى هذا يبطل جواز اعتماد المجتهد في هذا القسم الثاني.
قلت : لا يلزم ذلك ؛ لأنّه إذا حصل له الجزم باللزوم والفرديّة يحصل له الجزم بالحكم الشرعيّ ومخالفة الحكم المقطوع به غير معقول ، فتأمّل.
قال : إذا عرفت هذا ، فالأولى والأحوط للمقلّد المتمكّن من فهم العبارات أن لا يعتمد على فتوى القسم الثاني من الفقهاء إلاّ بعد العرض على الأحاديث ، بل لو عكس أيضا كان أحوط (١) ، انتهى.
أقول : أمّا منع عموم النهي عن التقليد واتّباع غير العلم فهو ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ، كيف! وذلك من الأمور الضرورية وقد دلّ على حرمته الأدلّة الأربعة.
فيكفي من الكتاب قوله تعالى ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ )(٢) ولا سبيل لتوهّم الاختصاص فيه حيث إنّ الإنكار على مجرّد عدم الإذن كما هو ظاهر.
ومن السنّة رواية القضاة أربعة (٣).
ومن الإجماع ما حكاه الوحيد البهبهاني من ضرورة صبيان الإماميّة ونسائهم على عدم الجواز (٤).
وأمّا العقل ، فلا ريب أنّ في ذلك تقوّلا على الله العليم ، وهو ظلم في
__________________
(١) الوافية : ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٢) يونس : ٥٩.
(٣) الوسائل ١٨ : ١١ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
(٤) لم نعثر عليه بعينه ، نعم قال في الرسائل الاصولية : ١٢ ، إنّ الأصل عدم حجيّة الظن وهو محلّ اتفاق جميع أرباب المعقول والمنقول.