حقّه تعالى المحرّم عقلا ؛ مضافا إلى قوله تعالى : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ )(١) ومرّ ذلك مفصّلا على وجه لا مزيد عليه في مباحث الظنّ.
مع أنّ دعوى اختصاص تلك النواهي يوجب هدم أساس الأخباريّين ( فإنّهم ) هم الذين يعتمدون على هذه العمومات عند إثبات كلّ مجهول ولو كان بينهما بعد المشرقين! كما هو ظاهر على من تدبّر كلماتهم في مطاويها.
وأفسد من ذلك ما قاله المحقّق القمي رحمهالله : من أنّ الاستدلال بعمومات حرمة العمل بالظنّ استدلال بالظنّ ، فمعنى قولنا : الأصل حرمة العمل بالظنّ إلاّ ظنّ المجتهد وإلاّ تقليد المجتهد الحيّ معناه أنّا نظنّ حرمة العمل بالظنّ ، فإذا حصل الظنّ للمقلّد بأنّ ما قاله الميّت هو حكم الله فكيف يقول : إنّي أظنّ أنّه ليس حكم الله (٢)؟
فإنّ بعد الغضّ عمّا زعمه من أنّ ظواهر الكتاب غير معلوم جواز العمل بها إلاّ من حيث اندراجها تحت مطلق الظنّ ـ فإنّ ذلك قد فرغنا عن إبطاله في مباحث الظنّ ـ أنّ دليل ذلك الأصل لا ينحصر في الكتاب في آية منها ، بل وذلك يستفاد من الكتاب علما بواسطة تعاضد الظواهر ، بل الأخبار في ذلك متواترة حتى أنّ بعض المتأخّرين (٣) قد تصدّى بجمعها. وقيل : إنّها خمسمائة رواية (٤) ، والضرورة الدينيّة أيضا قد ادّعوها كالضرورة العقليّة. مع أنّ كلامه يناقض
__________________
(١) الحاقّة : ٤٤ ـ ٤٦.
(٢) انظر القوانين ٢ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠.
(٣ و ٤) لم نعثر عليه.