المجوّزين في هذا الأصل ، بل ادّعوا قيام الدليل الشرعي على خلافه ، ولعلّه رحمهالله أراد به الأصل الثانوي المستفاد من دليل الانسداد ، وقد عرفت في تقليد الميّت : أنّ بعض مقدّماته مثل انتفاء الظن الخاص في حق المقلّد ممنوع ، وأمّا ما ذكره أخيرا : من أنّ الاشتغال لم يثبت إلاّ بالقدر المشترك المتحقّق في ضمن الأدون ـ فمع ابتنائه على كون التقليد حكما تعبّديا ثابتا من الأدلّة الشرعيّة مخالفا للأصل ، وهو مناف لما توهّمه : من أنّ الأصل هو جواز العمل بالظن ـ يعرف جوابه من الجواب عن الأصل الثاني من الاصول التي قد يتمسّك بها في إثبات التخيير.
ثمّ لا يتوهّم أنّ الاحتياط في هذه المسألة الاصولية ربما يعارض بالاحتياط في المسألة الفرعيّة ، كما إذا كان قول المفضول موافقا للاحتياط ؛ لأنّ الاحتياط في المسألة الاصولية مقدّم على الاحتياط في المسألة الفرعيّة بقاعدة « المزيل والمزال » كما يظهر بالتأمّل.
إذا تقرّر ذلك فاعلم أنّ للقائلين بالتخيير وجوه (١) :
[ وجوه القائلين بالتخيير ] :
الأوّل : الأصل المقرّر تارة باستصحاب التخيير الثابت فيما إذا كانا متساويين في العلم أوّلا ثمّ فضل أحدهما على الآخر ، فإنّ زوال ذلك التخيير بحدوث الفضل في أحدهما غير معلوم فيستصحب.
واخرى بأنّ الشكّ في المسألة دائر بين التخيير والتعيين فيما علم وجوبه في الجملة ، أعني التقليد ، فيرجع إلى أصالة البراءة على القول بها في أمثال ذلك ، مثل ما إذا ثبت وجوب عتق الرقبة في الجملة وشكّ في وجوب عتق المؤمنة عينا ، أو التخيير بينها وبين الكافرة.
__________________
(١) كذا ، والصحيح : وجوها.