فإنّ كون التقليد من الامور التعبّدية كما حقّقناه قبال من أنكره وجعل قول المجتهد واجب العمل باعتبار كونه أحد الامور المفيدة (١) ... كالفاضل القمّي لا ينافي كونه جعليّا إلى الواقع ، ولا ريب أنّ مرجع الطريق التعبّدي إلى العمل بما وراء العلم وترك تحصيل اليقين بالبراءة عن الشغل الثابت ، فإذا شككنا في أنّ هذا الشيء طريق تعبّديّ أم لا؟ كان قضيّة الأصل الأوّلي فيه العدم ، وقد أشرنا إلى ذلك في صدر المسألة. ولعلّ هذا الأصل اتّفاقيّ بين الأصحاب كما اعترف به شيخنا ( دام ظلّه العالي ) ولم أجد نكيرا له ، غير أنّ الفاضل القمّي رحمهالله ـ بعد أن أجاب عن الدليل العقلي الذي استدل به على تعيين الأعلم : « من أنّ الظن الحاصل من قوله أقوى » : بأن مدار التقليد إن كان على الظنّ ، فيدور مداره من قول أيّ شخص حصل ، وإن كان مبناه على التعبّد ، فلا معنى لملاحظة الأقوائيّة من الواقع ـ اعترض على القول بالتخيير : بأنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ خرج الأقوى بالإجماع ولا دليل على العمل بالأضعف ، ثمّ أجاب عنه : بأنّا قد بيّنا سابقا أنّه لا أصل لهذا الأصل ، واشتغال الذمّة أيضا لا يثبت إلاّ بالقدر المشترك المتحقّق في ضمن الأدون ، والأصل عدم لزوم الزيادة (٢).
وهذا الكلام لعلّه من متفرداته رحمهالله إذ لم أجد على (٣) من يقول بكون مقتضى الأصل الأوّلي جواز العمل بمطلق الاعتماد الشامل للظن ، فإنّ كلّ من دخل في المسألة ذكر الأصل الذي قرّرنا ، مرسلا إرسال المسلّمات ، ولم يناقش أحد من
__________________
(١) الظاهر وجود سقط في هذا المورد أيضا ، وفي الأصل على كلمة « المفيدة » علامة سقط من المتن لكن لم يذكر المقدار الساقط في الهامش.
(٢) القوانين ٢ : ٢٤٧.
(٣) كذا ، والمناسب : لم أعثر على ، أو : لم أجد من.