وأنت خبير بأنّه لا يعقل النزاع في عموم صيغة الخطاب في قوله : « يا أيها الناس » على ما مثّل به ويقتضيه ظاهر الضمير في قوله : « بصيغته » على أنّ البحث على هذا لا يلائم مباحث العامّ ، كما لا يخفى.
وقريب من ذلك في وجه ما عنون به بعض الأعاظم ، حيث قال : اختلفوا في إمكان عموم خطاب المشافهة لغير الموجودين وعدمه (١).
ويمكن الذبّ عنه بأنّ المراد ليس عموم الخطاب ، بل عموم اللفظ الواقع في تلو أداته ، فينطبق على التحرير الأوّل ، إلاّ أنّه لا يخلو عن تمحّل في الأوّل ، فتدبّر.
فعلى ما هو الظاهر من العالم الأورع (٢) في عدم شمول الخطابات الخاصّة كـ « يا أيّها الرسول » و « يا أيّها المدّثر » و « المزمّل » و « أنت » وأشباهها ، لعدم تعقّل الشمول إلاّ على وجه بعيد كذكر المقيّد وإرادة المطلق ، وأما مثل قولك : « أنتم » وصيغ الجمع من الأمر الحاضر كـ « افعلوا » ونحوها فلا دليل على خروجه مع ظهور اتّحاد المناط أيضا. وحكي عن التوني التمثيل بذلك أيضا (٣). ومع ذلك فلا يخلو عن تأمّل.
الثاني : الخطاب بمعناه المصدري عبارة عن توجيه الكلام نحو الغير للإفهام. وبعضهم أسقط القيد الأخير (٤) وظاهر المحكيّ عن الطريحي أنّه معناه لغة (٥)
__________________
(١) إشارات الاصول : ١٣٩.
(٢) لعل المراد به هو الكلباسي صاحب إشارات الاصول ، انظر المصدر المتقدم : ١٤٢.
(٣) الوافية : ١١٩.
(٤) مثل النراقي في المناهج : ٩٠ ، والقزويني في ضوابط الاصول : ١٨٩.
(٥) مجمع البحرين ٢ : ٥١ ، « خطب ».