وقد يتوهّم أنّ مفهوم قولنا : « إن جاء زيد فهو يكرم » على جهة الإخبار ـ الذي يستفاد منه وجوب الإكرام على تقدير الشرط بواسطة حسن الطلب ـ هو قولنا : « إن لم يجئك زيد فلا يكرم » وهو يفيد التحريم. وذلك أيضا من الامور المتفرّعة على نفس النفي والإثبات ، فلا يضرّ اختلاف المفهوم والمنطوق بهذا الوجه نظير اختلافهما بالعموم والإطلاق في المثال المتقدّم.
وفيه : أنّ ذلك لا يخلو من مغالطة.
وتوضيحه : أنّ قولك : « يكرم » يفيد التحريم فيما إذا وقع في حيّز النفي إذا لم يكن ممّا استفيد منه الوجوب ، وأمّا إذا كان ممّا استفيد منه الوجوب ووقع في حيّز النفي فلا يفيد ذلك إلاّ رفع الوجوب. وبعبارة واضحة : أنّ قولك : « يكرم » إذا لوحظ بشرط وقوعه في الجملة الإثباتيّة التي يستفاد منها الوجوب ، غير قولك : « يكرم » إذا لوحظ لا بشرط شيء ، والثاني يفيد التحريم في الجملة المنفيّة دون الأوّل. ولا يجري ذلك في الإطلاق ، حيث إنّ ورود النفي والإثبات على الطبيعة الملحوظة لا بشرط يفيد ذلك ، ووقوعه في الجملة الإثباتيّة لا يعقل أخذه شرطا لها ، إذ المفروض كونها لا بشرط شيء ، فتدبّر.
والحاصل : أنّه لا بدّ من ملاحظة الامور المستفادة من ضروب التراكيب ووجوه الكلام ، فإنّه ربما يتوهّم خلاف ما هو الواقع.
ومن ذلك : ما توهّم أنّه لو كان مفاد المنطوق الوجوب العيني ، كما إذا قال : « إن جاءك زيد فيجب عليك إكرامه » الظاهر في الوجوب العيني ، فالمستفاد منه في المفهوم أيضا هو نفي الوجوب العيني على تقدير عدم الشرط ، ولا ينافي إثبات الوجوب التخييري على تقدير عدم الشرط.
وبعد ما عرفت من أنّ لوازم النفي والإثبات لا يعتبر في المفهوم والمنطوق لا ينبغي الإشكال في فساد التوهّم المذكور ، فإنّ ذلك من قبيل الإطلاق والعموم