« إذا خفي الأذان ولم يكن الجدران مخفيّة فقصّر » فعلى الأوّل يرجع الأمر إلى أنّ كلّ واحد منهما جزء السبب ، فلا يجوز القصر مع خفاء أحدهما فقط ، كما ذهب إليه جماعة (١) ، وهو أبعد الوجوه. وعلى الثاني يكون كلّ واحد منهما سببا مستقلاّ عند عدم الآخر ، وأمّا مع وجود الآخر فلا سببيّة فيهما.
وهذان الوجهان يلائمان القول باستناد المفهوم إلى الإطلاق ، بل وربّما يستدلّ بذلك عليه ، حيث إنّه لو كان بالوضع يلزم ما عرفت من المجاز ، ولا يلزم على هذا التقدير إلاّ تقييد الإطلاق ، وهو لو كان مجازا أيضا مقدّم على غيره من أنواع المجاز.
ورابعها : إبقاء إحدى الجملتين بحالها مفهوما ومنطوقا والتصرّف في الاخرى كذلك ، كما هو الظاهر من الحلّي في المثال المذكور ، فإنّه جعل المناط في القصر خفاء الأذان فقط ، وقيّد منطوق الآخر بخفاء الأذان ومفهومه بعدمه (٢) ، فيرجع إلى إلغاء الجملة الثانية رأسا. اللهم إلاّ أن يكون خفاء الجدران من الأمارات الّتي يتوصّل بها إلى خفاء الأذان ، فلا يلزم لغويّته رأسا.
وخامسها : إرادة القدر المشترك بين الشرطين من كلّ واحد منهما. وتوضيحه : أنّ الظاهر من الجملة الشرطيّة هو كون ما اخذ في الشرط بعنوانه الخاصّ علّة تامّة منحصرة للجزاء ، إلاّ أنّ تعدّد الشروط ينهض قرينة على
__________________
(١) منهم : السيّد المرتضى ( رسائل الشريف المرتضى ) المجموعة الثالثة : ٤٧ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٥٧٢ ، المسألة ٣٢٤ ، وقد نسبه في المدارك ٤ : ٤٥٧ ، إليهما وإلى أكثر المتأخّرين ، ومنهم : الشهيد في الذكرى ٤ : ٣٢١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٤٦.
(٢) السرائر ١ : ٣٣١.