وثالثا : أنّ غاية ما يلزم من تماميّة هذا الدليل : أنّ تكليف العامي هو العمل بالظنّ ، ولا ريب أنّ الظنّ الحاصل من فتوى المعظم بعدم جواز تقليد الميّت ، ومن الإجماعات والشهرة والأخبار والآيات مانع بالنسبة إلى الظنّ الشخصي الحاصل له في خصوص المسألة الفرعيّة من قول الميّت ، وقد اشتهر بين الاصوليين : أنّه إذا تعارض الظنّ المانع والممنوع وجب الأخذ بظنّه المانع مطلقا ، سواء كان أضعف من الظنّ الممنوع أم أقوى ، وعلى القول بوجوب الأخذ بأقوى الظنّين منهما نقول : إنّ الظنّ المانع هنا أعني الظنّ الحاصل من الإجماعات ومصير الجلّ أو الكلّ المتعلّق بحرمة تقليد الموتى أبدا أقوى من الظنّ الحاصل من فتوى الحيّ فضلا عن الميّت.
وبالجملة : هذا الدليل على فرض تماميّته يقتضي وجوب الأخذ بفتوى الحيّ لأنّ الظنّ الحاصل من قول الميّت مظنون عدم اعتباره بملاحظة الإجماعات بالظنّ الأقوى.
ورابعا : أنّ مفاد هذا الدليل ، أعني : وجوب العمل بالظنّ على العامي ، سواء كان حاصلا من قول الحيّ أو الميّت ، مما لم أجد قائلا بها (١) سوى الفاضل القمّي رحمهالله ولذا ادعى غير واحد (٢) من المطّلعين على قوله الإجماع المحقّق على خلافه ، ولعلّ سرّه : أنّ هذا القول منع لأصل التقليد رأسا مثل قول الأخباريين. فإنّ العمل بقول الميّت لأجل الظنّ الحاصل منه ليس تقليدا للميّت تعبّدا كما لا يخفى ، فهذا القول يمكن إبطاله باتّفاق كلّ من أجاز التقليد من حيث كونه تقليدا.
__________________
(١) كذا ، والمناسب : به.
(٢) انظر الفصول : ٤١٥ ، ومناهج الأحكام والأصول : ٣٠١.