حيث لم ينسبه إلى أحد من المتقدّمين ، مع أنّ بناءه كان على استيفاء الأقوال ، كما يرشد إليه نقل قول الشيخ سليمان والعلاّمة الجرجاني والشيخ علي بن هلال (١) بجواز الأخذ من كتب المجتهدين بعد الأخذ بقول الحيّ أو قول من يحكي عنه ، وإن أردت أن تطمئن نفسك بصدق كلامنا هذا ، فعليك بالمراجعة إلى أدلّة المثبتين والمانعين تجد بعضها مطلقا بالنسبة إلى الابتداء والاستدامة وبعضها مصرّحا بعدم الفرق بينهما.
قال السيّد الجزائري ـ فيما حكي عن بعض رسائله في مقام الاستدلال على الجواز مطلقا ـ : الخامس ـ يعني من أدلة الجواز ـ : إذا أخذ المقلّد مسألة من الفقيه الحيّ ، وكان مصاحبا لذلك الفقيه مطّلعا على أحواله وتبدّل آرائه فأفتاه بحكم مستنده النصّ والإجماع ، فعمل به واستمرّ عليه إلى بعد صلاة المغرب ، فمات ذلك الفقيه بين الصلاتين فعمل بتلك الفتوى في صلاة العشاء ، فتكون بناء على ما قلتم صحيحة وصلاة العشاء باطلة ، فنحن نسأل من بطلان هذه الصلاة الموافق حكمها للنصّ والإجماع؟ ولا يستندون في إبطالها إلى شيء سوى موت ذلك الفقيه ، فحينئذ فاللازم كونه شريكا في الأحكام الشرعيّة ، وهذا لا ينطبق على أصولنا. نعم ، يوافق ما ذهب إليه الكرخي ، حيث يقول في مسجد الكوفة : قال علي وأنا أقول ، يعني خلافا لقوله. وأمّا علماؤنا ( رضوان الله عليهم ) فإنّهم يحكون كلامه ويعملون به ، فلا تفاوت في اتّباع أقوالهم بين حياتهم وموتهم (٢). انتهى كلامه رفع الله مقامه.
__________________
(١) نقله السيّد الصدر في شرح الوافية : ٤٧٠ ـ ٤٧١.
(٢) حكاه السيّد الصدر في شرح الوافية : ٤٧٢.