لأنّا نقول :
أوّلا : أنّ الظاهر عدم القول بالفصل بين الحكم والفتوى ، فكلّ من قال بتقديم حكم الأعلم قال بتقديم فتواه أيضا. وقد اعترف بهذا الإجماع صاحب المفاتيح (١) في ظاهر كلامه ؛ لأنّه اقتصر في المناقشة عليها : بأنّها لا تناول (٢) غير صورة اختلاف الحكمين فلا بدّ من ضميمة الإجماع المركّب ، وهو ممنوع. فلو كان التفصيل بين الفتوى والحكم ممكنا عنده لكان منع دلالتها على المدّعى في اختلاف الفتوى أولى بالمناقشة. اللهم إلاّ أن يكون الحكم المشتمل عليه الرواية عنده أعمّ من الفتوى ، فالمسألتان حينئذ من باب واحد متساويتا الأقدام في الاندراج تحت الحديث ، غير أنّ صورة عدم الاختلاف في الحكم الأعم من الفتوى يحتاج في ثبوت الحكم فيه إلى الإجماع المركّب الذي منعه. نعم ظاهر صاحب الإشارات (٣) عدم ثبوت الاجماع المركّب ، حيث حمل الحكم على الحكم المصطلح أعني القضاء. ثمّ استدلّ في تعارض الفتوى بالفحوى وتنقيح المناط ، وفي غير هذه الصورة لعدم (٤) القول بالفصل.
وكيف كان ، فالظاهر أنّ إنكار هذا الإجماع مكابرة واضحة اعترف به شيخنا ( دام ظله العالي ) وهو كذلك. نعم ، الظاهر أنّه لا عكس ، فإنّ من يقول بوجوب تقليد الأعلم لعلّه لا يقول بوجوب المرافعة عند الأعلم وإن كان الحق خلافه كما ستعرف.
__________________
(١) مفاتيح الاصول : ٦٢٨ ، وانظر الصفحة ٦٣٢ أيضا.
(٢) كذا ، والأنسب : تتناول.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) كذا ، والمناسب : بعدم.