ومنها : لزوم العسر والحرج في الاقتصار على تقليد الأفضل ، خصوصا إذا كان المراد به من كان أفضل عصره ، كما لعلّه الظاهر من كلام المانعين.
وفيه : أنّ العسر المدعى به إمّا أن يكون في تشخيص الأعلم ، أو في الرجوع إليه من البلدان النائية ، أو في العمل بفتاويهم. والجميع كما ترى قول ظاهريّ غير أصيل :
أمّا الأول ، فلأنّ تشخيص الأعلم ليس إلاّ كتشخيص أصل المجتهد ، فكما أنّ معرفة أصل الاجتهاد في تشخيص المجتهد ليس فيها العسر والحرج ، كذلك معرفة أعلميّته من غيره. وحلّه : أنّ الأعلميّة موضوعة (١) من الموضوعات المعروفة كالاجتهاد ، يمكن إحرازها بالرجوع إلى أهل الخبرة ، خصوصا بعد ملاحظة اعتبار مطلق الظن في تشخيص الأعلميّة دون الاجتهاد ، كما سيأتي.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الرجوع إلى الأعلم يتقدّر بقدر الإمكان الغير البالغ حدّ العسر والحرج ، فإن اقتدر على أخذ فتاوى الأعلم المطلق من غير عسر بلا واسطة الرسالة أو العدول ـ كما هو الغالب بعد فتح باب تأليف الرسائل وإيصالها إلى البلدان النائية ـ تعيّن الأخذ بها ، وإلاّ تعيّن الرجوع إلى غيره مراعاة للأفضل فالأفضل.
والحاصل : أنّ المراد بالأفضل وإن كان أفضل أهل عصره إلاّ أنّ المناط مطّرد في الأفضل الإضافي بعد تعذّر الأخذ من المطلق ، فلا حرج حينئذ في شيء.
__________________
(١) كذا ، والمناسب : الموضوع.