كانوا يعتمدون على قول كلّ فقيه جامع لشرائط الفتوى واختلاف مراتب العلم والآراء في طائفة الفقهاء والمجتهدين والرواة والمحدّثين لا يزال كان ثابتا. وكذلك إفتاء المفضولين من الصحابة ، ولم نسمع أنّ أحدا من الأئمة والصحابة منع من الأخذ بقول الفقيه وألزمهم بالرجوع إلى الأعلم ، مع أنّ التقليد من الامور المهمّة التي ينبغي كمال الاهتمام بشأنها. وقد تمسّك بها الحاجبي (١) والعضدي (٢) وجماعة على ما حكي عنهم (٣).
وجوابه أيضا يظهر ممّا قدّمنا في الأخبار الخاصّة (٤) ؛ لأنّ اختلاف صحابة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام كان نادرا في الغاية ، ومع ذلك فصورة العلم بالاختلاف كان أندر ، ومن أين ثبت أنّ الإمام عليهالسلام أو بعض أصحابه قد علم بتقليد المفضول مع علم المقلّد بمعارضة قوله مع قول الأفضل منه ، ولم يمنعه كيف؟ مع أنّ العلم بذلك في زماننا مشكل ؛ فإنّا لم نجد أحدا يقلّد فقيها مع اعترافه وعلمه بأنّ غيره الأفقه مخالف له في الفتوى ؛ إذ الغالب الشائع في تقليد المفضول إنكار مقلّده أفضلية غيره عنه ، أو عدم اختلافهما فيما يفتيان لمقلّديهم ، أو عدم علمهم باختلافهما ، وإلى ما ذكرنا يشير ما عن النهاية (٥) والمنية (٦) من منع السيرة.
__________________
(١ و ٢) انظر المختصر وشرحه : ٤٨٤.
(٣) حكاه العلاّمة في نهاية الوصول ( مخطوط ) : ٤٤٧ ، والسيّد العميدي في المنية : ٣٤٩ ، وانظر مفاتيح الاصول : ٦٢٨.
(٤) راجع الصفحة : ٦٥٧.
(٥) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ٤٤٧.
(٦) منية اللبيب : ٤٤٧ ، وحكى عنها السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٦٢٨.