بلا واسطة أو العمل برواياته ؛ لأنّ القائلين بوجوب تقليد الأعلم يوجبون الرجوع إلى الرواية عنه أيضا ، أمّا الملازمة فثابتة بالأولويّة ؛ لأنّ الإمام أولى بالاتباع عينا عن المجتهد الأعلم. وإلاّ بطلان التالي بالضرورة والبداهة ؛ لأن عوام زمن الإمام عليهالسلام كانوا يأخذون معالم دينهم من الصحابة ولم يكونوا مقتصرين على الأخذ عن الإمام عليهالسلام ، ورواية أبان بن تغلب كالصريحة في نفي ذلك والسيرة المستمرّة شاهدة عليه.
وجوابه : أنّ رجوعهم إلى الصحابة في الجملة مسلّم لكنّه غير مجد وإنّما المجدي الرجوع إليهم مع العلم بالاختلاف ، وهذا غير معلوم ، بل معلوم عدمه ، كيف لا مع أنّ مخالفة الإمام عليهالسلام توجب القطع ببطلان الفتوى ، ولم نسمع أحدا يدّعي جواز التقليد مع العلم بالبطلان فضلا عن وقوعه.
هذا مع أنّ قياس المجتهد الأعلم بالإمام عليهالسلام فيه ممّا يشمئز منه النفس كما لا يخفى.
وأمّا ما ذكره : من أنّه كان عليهم العمل بالرواية ، ففيه : أنّ المقلّد ليس له أهلية لذلك ، ولو فرض الكلام فيمن كان له التقليد والعمل بالرواية بناء على جوازهما في حقّ أصحاب الأئمة ؛ لعدم الفرق بين الفتوى والرواية في ذلك الزمان ، نقول : إنّ الأخذ بالفتوى المعارضة بالرواية حينئذ أخذ بأحد المتعارضين ، وهذا غير مربوط بالمقام كما لا يخفى.
ومنها : السيرة المستمرّة بين أهل التقليد من السلف إلى هذا الآن ، إذ من المعلوم : أنّ عوام كلّ عصر في كلّ مصر من يومنا هذا إلى زمن الأئمة عليهمالسلام لم يكونوا ينادي (١) الرجل في طلب المجتهد الأعلم إلى الأطراف والجوانب ، بل
__________________
(١) كذا في الأصل.