ببيان تمام المراد ، وقبل الاطّلاع على القيد (١) لو تخيّل وروده في مقام بيان تمام المراد لا ينافي ما ذكرنا ، إذ بعد الاطّلاع يكشف عن عدم وروده في ذلك المقام ويكون اللفظ مستعملا في نفس المعنى على وجه الحقيقة.
لا يقال : كما أنّه يمكن ما ذكرت ، فيمكن أن يكون ورود المقيّد كاشفا عن إرادة المقيّد من المطلق ، فيكون مجازا ؛ لأنا نقول : إنّ ذلك الوجه ممّا ينكره العرف ؛ مضافا إلى أن أصالة الحقيقة تحكم بما ذكرنا.
لا يقال : إنّ أصالة الحقيقة لا مسرح لها في مورد يكون شيء يصلح لأن يكون صارفا عنها كما في المقام ؛ لأنّا نقول بعد الغضّ عن أصل المبنى ـ كما قرّر في محلّه ـ : إنّما هو في غير المقام ، لعدم اختلاف المقصود بالصرف وعدمه ، كما لا يخفى.
وبالجملة ، فلا يعقل فرق بين الرقبة الموصوفة بالإيمان في قولك : « رقبة مؤمنة » وبين الرقبة المجرّدة ، فكما أنّ القول بأنّ الرقبة في التركيب الأوّل إنّما يراد منها الرقبة المؤمنة بقرينة ذكر القيد شنيع في الغاية ـ كما أوضحنا سبيله فيما مرّ ـ فكذلك القول بأنّ المراد منها في الثاني هو المقيّد ، لوجود ما يصلح للصرف في الأوّل أيضا.
ثمّ إنّه بما ذكرنا يظهر فساد ما نسبه بعضهم إلى بعض الأفاضل (٢) : من القول بأنّ المطلق مع قطع النظر عن المقيّد له وضع مغاير لوضعه معه ، نظير فعل المضارع المقرون بـ « لم ».
وجه الفساد : أنّ ذلك تكلّف بارد ، إذ بعد إمكان استفادة الوجهين من وضع واحد لا وجه لتعدّد الوضع بعد عدم مساعدة اعتبار عقليّ أو نقليّ عليه.
__________________
(١) في ( ق ) : « قيده ».
(٢) انظر هداية المسترشدين ٣ : ٢٢٢.