القرآن من أنّه هل هو اسم لوجوده العلمي لله سبحانه ، أو لما هو الثابت في اللوح المحفوظ ، أو لما هو المنزل على النبيّ صلىاللهعليهوآله في بيت المعمور كما اطلق عليه القرآن في قوله تعالى : ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ )(١) أو لما هو المنزّل عليه في الوقائع الشخصيّة ممّا نزل به جبرئيل من الألفاظ الخاصّة ، فيكون النبيّ صلىاللهعليهوآله حاكيا له فيما خاطب به الناس ، أو لما خاطب به النبيّ صلىاللهعليهوآله العباد عن الله تعالى ، فيكون وجود القرآن في عالم الظهور وجوده في لسان النبيّ صلىاللهعليهوآله نظير وجود الكلام في الشجر فقراءته له بعد انقضاء القراءة في مجلس الوحي والتنزيل إنّما هو حكاية عمّا بلغه في مجلس الوحي نظير قراءة غيره أو الأعمّ منه وممّا يظهر عندنا كونه حكاية ، فيكون جميع الألفاظ الشخصيّة الصادرة من القرّاء من حقيقة القرآن ، إمّا بالقول بوضعه لأمر كلّي صادق على جميع ذلك كما احتمله البعض (٢) وإن كان ضعيفا ، وإمّا بالقول بكون كلّ واحد من تلك القراءات (٣) من القرآن ، نظير الوضع في المبهمات ، أو الأعمّ منها ومن المكتوبات على الوجهين فيها أيضا ، أو للأعمّ من الألفاظ والنقوش والمعاني الثابتة في اللوح وغيره ، ويحتمل وجوه أخر أيضا. ومع جميع هذه الوجوه والاحتمالات كيف يقطع بأنّ المخاطب هو الله تعالى؟
وأمّا ثانيا : فبأنّ استواءه غيبة وحضورا لا يجدي مع اختلاف حال المخاطبين بالعلم والسماع ، فإنّ النقص فيهم ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ؛ مضافا إلى أنّ الاستواء إنّما هو موجود في الموجود والمعدوم ، ولم يظهر
__________________
(١) طه : ١١٤.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) في ( ع ) : « المراتب ».