الثالثة : أن يعلم تقدّم الخاصّ على العامّ فيبنى على تخصيص العامّ بالخاصّ ، من غير فرق بين ورود العامّ قبل حضور وقت العمل بالخاصّ أو بعده.
أمّا الأوّل : فظاهر على القول بعدم جواز النسخ قبل الوقت ، وعلى الجواز فلا بدّ من القول بأنّ التكليف ابتلائيّ ، وهو خلاف ظواهر أدلّة التكليف ، فالراجح حملها على التكليف الحقيقي ، وهو يلازم التخصيص ويساعده فهم العرف وغلبة التخصيص.
وقد يستدلّ على المطلب بأنّ تقدّم العامّ المحتمل على الخاصّ القطعيّ قطعي البطلان (١).
وفيه : أنّ ذلك يتمّ فيما إذا اريد عدم التخصيص مع عدم النسخ ، وهو غير محلّ الكلام. وأمّا عند احتماله ـ كما هو المفروض في المقام ـ فليس من تقديم المحتمل على القطعيّ ، لرجوع النسخ أيضا إلى التخصيص في العموم الزماني المستفاد من الدليل أو من خارج قابل للتخصيص.
ونقل عن بعضهم القول بالنسخ في المقام محتجّا بأنّه لولاه لزم تقديم البيان وهو محال والشرطيّة ظاهرة (٢).
والجواب : أنّ تقديم البيان على أنّه بيان محال كتقديم ما له البيان أيضا. وأمّا تقديم ذات البيان فلا ضير فيه ، كما في ذات ما له البيان أيضا. والوجه فيه : أنّ البيانيّة من الأمور المنتزعة من الشيء باعتبار إضافته إلى شيء آخر ، ويجب
__________________
(١) المستدل هو صاحب المعالم في حاشيته عليه كما نسب ذلك إليه أيضا في القوانين ١ : ٣١٩ ، وحاشية الشيرواني المطبوعة مع المعالم ( الحجرية ) : ١٥٠.
(٢) نقله المحقق في المعارج : ٩٨ عن الشيخ ، راجع العدة ١ : ٣٩٣.