ومن أدلّة النافين : آية التعذيب (١) الصريحة في كون المراد من الحسن والقبح هو ما يلازم الثواب والعقاب (٢) ، وإلاّ فنفي التعذيب لا مساس له في نفي الذمّ والمدح. وكذا في جواب القائلين بالتحسين عنهم : بأنّ المنفيّ هو فعليّة العذاب دون استحقاقه إيماء إلى المطلب المزبور (٣) من حيث عدم تعرّضهم لعدم مدخليّة الحسن والقبح للعذاب ، فنفيه لا يدلّ على عدم الحسن ، كما لا يخفى.
وأمّا ثمرات المسألة على ما فرّع عليه العضدي (٤) وأضرابه (٥). من عدم وجوب شكر المنعم فلا عقاب ولا إثم في تركه على من لم يبلغه دعوة النبي (٦) فممّا لا تصحّ إلاّ بملاحظة الدعوى التي ادّعيناها.
وبالجملة : فنحن لا نقول بأنّ المقامين متّحدان لا تغاير بينهما بوجه لا يمكن النزاع في أحدهما مع تسليم الآخر ، ولكنّا نلتزم بأنّ النزاع الواقع بين العدليّة والأشعريّة ممّا يغني عن هذا النزاع في المقام الثاني ، فكان بعد تسليم صغرى الإدراك من العقل وأهليته ، فلا نزاع في كونه سبيلا إلى الحكم الشرعيّ على وجه لا ريب فيه كما استظهرناه من المقامات الثلاثة المذكورة من العناوين
__________________
(١) الإسراء : ١٥.
(٢) العبارة في ( ط ) هكذا : « وأمّا أدلّة النافين كآية التعذيب فدلالتها على أنّ المراد بالحسن والقبح ما يلازم الثواب والعقاب صريحة ».
(٣) لم يرد « المزبور » في ( ش ).
(٤) انظر المختصر وشرحه للعضدي : ٧٦.
(٥) انظر الإحكام للآمدي ١ : ١٢٦.
(٦) في ( ط ) : « النبوّة ».