شرعيّان ، وذهب المعتزلة إلى أنّهما عقليّان ، بمعنى أنّ العقل له صلاحيّة الكشف عنهما وأنّه لا يفتقر الوقوف على حكم الله ، لاعتقادهم وجوب مراعاة المصالح والمفاسد وإنّما الشرائع مؤكّدة (١) ، انتهى. وصراحة ذلك في المقصود ممّا لا يخفى (٢).
فظهر من جميع ما مرّ : أنّ المراد بالحسن والقبح الواقعين في العنوان ما ذا ، فإثبات أنّ العقل يحكم بالحسن والقبح في قوّة إثبات أنّ العقل يدرك حكم الله كما هو المراد بالملازمة. ويكفيك شاهدا في المقام قولهم : إنّ « الظلم حرام » و « ردّ الوديعة واجب » حيث لا يعنون بالوجوب إلاّ الطلب الملازم للعقاب عند المخالفة. نعم ، لو كان المراد من الحسن والقبح هو مجرّد المدح والذمّ دون الثواب والعقاب كان لتغاير العنوانين وجه. هذا تمام الكلام في عناوين القوم.
وأمّا الأدلّة الواردة من الفريقين على الطرفين القاضية (٣) باتّحاد العنوانين وكفاية إثبات الحسن العقلي عن الملازمة :
فمن أدلّة المثبتين : هي لزوم إفحام الأنبياء وعدم وجوب معرفة الله لولاه ، حيث إنّ مجرّد (٤) إدراك استحقاق الذمّ والمدح لا يلزم منه الوجوب ولا يندفع منه إفحام الأنبياء ما لم يلاحظ مع ذلك العقاب ولو احتمالا.
__________________
(١) لا يوجد لدينا.
(٢) في ( ط ) : « ممّا لا ينبغي أن ينكر ».
(٣) العبارة في ( ط ) هكذا : « وأمّا أدلّة الطرفين الواردة على النفي والإثبات فتقضي ».
(٤) العبارة في ( ط ) هكذا : « فأدلّة المثبتين من لزوم إفحام الأنبياء وعدم وجوب معرفة الله لولاه تقضي بما ذكرناه ، لأنّ مجرّد ».