ولم نقف (١) من لا يذعن بهذا الأصل سوى المحقّق القمي رحمهالله حيث إنّه أفاد في بعض إفاداته بأنّه لا أصل لهذا الأصل واشتغال الذمّة لم يثبت إلاّ بالقدر المشترك المتحقّق في ضمن الأدون أيضا ، والأصل عدم لزوم الزيادة (٢).
وهذا الكلام منه رحمهالله ليس في محلّه ، ولذلك ترى المجوّزين مطبقين على أنّ ذلك إنّما هو بواسطة الدليل الوارد على هذا الأصل من استصحاب أو إطلاق ونحوهما. فإن أراد بذلك منع قيام الدليل على حرمة العمل بالظنّ فلا بدّ له من الرجوع إلى الكتاب والسنّة وكلمات العلماء ، فإنّ ذلك هو الحاكم بين مدّعي وجود الدليل وبين المنكر. وإن أراد أنّ انسداد باب العلم إنّما اقتضى جواز العمل بالظنّ ، فذلك يوجب الإغناء عن البحث في المسألة ، لدوران الأمر مدار الظنّ فربّما يحصل من الأعلم وربما يحصل من غيره ؛ مع أنّ المعلوم ممّا سبق عدم استقامة الكلام المذكور بواسطة عدم جريان مقدّمات الانسداد في حقّ المقلّد ، لقيام الضرورة الدينيّة على وجوب رجوع العامي إلى المجتهد. وعلمه بذلك ليس بأخفى من علمه بوجوب متابعة أحكام الشريعة ولو على الإجمال.
فإن قلت : إنّ مرجع الأصل المذكور إلى ملاحظة الاحتياط في هذه المسألة التي هي بمنزلة المسائل الأصوليّة من حيث ترتّب المسائل الفرعيّة عليها ، وقد يعارض ذلك بالاحتياط في المسألة الفرعيّة كما إذا كان فتوى الأدون موافقا للاحتياط ، والاحتياط في المسألة الفرعيّة مقدّم على الاحتياط فيما هو بمنزلة المدرك لها.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : على من لا يذعن.
(٢) القوانين ٢ : ٢٤٧.