اخرى : أنّ الشرع يصدّق العقل فيما يحكم به ، لا أنّه يحكم بحكم آخر لكنّه يماثل حكم العقل ، وعلى هذا فالحاكم اثنان والحكم واحد فإنّ أحدهما حاكم وهو العقل ، والثاني مصدّق وهو الشرع (١).
وثالثها : أن يراد منها : أنّ كلّ ما حكم به العقل فهو عين ما حكم به الشرع ، بمعنى أنّ العقل رسول الشرع ، فكما أنّ الرسول لا يختلف حكمه حكم (٢) الشرع بل هو عين ما حكم به الشرع ، فكذلك العقل ، فإنّه رسول في الباطن ، كما أنّ الشرع عقل في الظاهر ، فحكم الشرع قائم بالعقل حيث إنّه لسان الشرع ، وعلى هذا : الحكم واحد والحاكم واحد ، كما في أحكام الرسول صلىاللهعليهوآله.
ثمّ إنّ هذه القضيّة قد تطلق في قبال من يرى صحّة حكم العقل وعدم حكم الشرع ، لجواز خلوّ الواقعة عن الأحكام ، وقد تطلق في قبال من يرى أنّ حكم الشارع قد يكون على خلاف حكم العقل بعد تسليمه عدم جواز خلوّ الواقعة (٣) عن الحكم ، فعلى الأوّل يكون المقصود إثبات الحكم الشرعي قبالا لمن ينفيه ، والتطابق غير ملحوظ في المقام (٤) حينئذ. وعلى الثاني يكون المقصود إثبات التطابق ، ونفس الحكم الشرعي سواء كان مخالفا أو موافقا غير ملحوظ في النزاع ، وذلك كما تقول : « الذي ضربته أمس ضربته اليوم » فإنّه قد يكون قولك مسوقا لإثبات المسند قبالا لمن نفاه ، وقد يكون مسوقا لإثبات المضروب وبيانه ، وقد تقدّم ما يدلّ على ثبوت الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بمعنى الإرادة
__________________
(١) لم ترد عبارة « فإن أحدهما ـ إلى ـ الشرع » في ( ش ).
(٢) كذا ، ولعلّ المناسب : حكمه عن حكم.
(٣) لم ترد عبارة « عن الأحكام ـ الى ـ الواقعة » في ( ش ).
(٤) لم يرد « في المقام » في ( ش ).