ويفتي (١) بما يقتضيه ، فهل المجوّز [ إنّما ](٢) يتفصّى في تحصيل الأحكام الشرعيّة بتحصيل المخصّصات والفحص عنها وترك التعويل على العموم (٣) ، كلاّ! بل الإنصاف أنّ عدم اجترائه في الأخذ بالعمومات ابتداء وإتعاب نفسه في تحصيل المدارك بعد الأخذ بالعموم إنّما هو من أقوى الشواهد على أنّه لا يجوّز ذلك بحسب ما فطره الله عليه ، وإن كانت تلك الفطرة الإلهيّة قد اكتساها غواشي الأوهام في الظاهر ويعمل على غير شاكلتها في مقام الجدل ، وإن كان المجوّز مجترئا بالفتوى بمجرّد اطّلاعه على رواية من دون فحص ، وهل هذا إلاّ هرج ومرج وتغيّر في دين الله وتبديل لشريعة الرسول مع أنّه بالغ في حفظه ، فيا سبحان الله! كيف يمكن أن يقال : إنّ الفقيه إذا اطّلع على الفقيه يكتفي به عن الكافي ، وكيف يستغني في تهذيب المطلوب عن التهذيب؟ اللهم إلاّ أن يكون من دون استبصار ، فالمرجوّ من كرمه تعالى أن يحفظنا عن الخطاء.
الخامس : الأخبار الدالّة على أنّ في الكتاب والسنّة عامّا وخاصّا ومطلقا ومقيّدا ، كما ورد في نهج البلاغة (٤) وغيره (٥).
والإنصاف عدم ظهور دلالة تلك الأخبار على المدّعى وهو الفحص. نعم يدلّ على وجوب الأخذ بعد الاطّلاع ، وهو من الامور الضروريّة التي لا تحتاج إلى تجشّم استدلال في المقام.
__________________
(١) في ( ع ) : « يقل ».
(٢) لم يرد في ( ع ).
(٣) كذا في النسختين ، والعبارة لا تخلو من تشويش.
(٤) نهج البلاغة : ٣٢٥ ، الخطبة ٢١٠.
(٥) انظر الوسائل ١٨ : ١٢٩ و ١٥٢ ، الباب ١٣ و ١٤ من أبواب صفات القاضي.