نعم في المقام إشكال آخر يشبه بما تقدّم يحتمل فيه الفرق بينهما ، وتقريره : أنّهم قالوا في كثير من الموارد باختلاف حكم العاجز والقادر ، فيجب على القادر الإتيان بالسورة ويسقط عن العاجز ، فعلى المشهور من القول بالمجازيّة يكون الصلاة في قوله : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) مستعملة في المقيّد بخصوصها ، فإذا فرضنا تعذّر القيد لا وجه للاستناد إلى المطلق (١) في إثبات الصلاة بدون القيد للعاجز ولو بضميمة قوله (٢) : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٣) فإنّ ذلك يصلح وجها لتشريع وجوب الميسور بعد تعذّر المقيد ، لا لإرادة وجوبه من الدليل الأوّل ، لاستلزامه استعمال المطلق تارة في المقيّد وأخرى في المطلق على وجه الترتيب (٤) ، فإنّ الإطلاق ليس في عرض المقيّد (٥) ، بل إنّما هو مترتّب على انتفاء المقيّد ، وهذا موقوف على استعمال جديد وإنشاء لفظ آخر غير اللفظ المنشأ أوّلا وإن قلنا بجواز استعمال اللفظ في المعنيين أيضا ؛ لأنّهما إنّما يكون أحدهما في عرض الآخر على تقدير جوازه ، وعلى المختار يصحّ الاستناد إلى المطلق بضميمة قوله (٦) : « الميسور لا يسقط بالمعسور » فإنّ المطلق لا يراد منه غير نفس المعنى ، وله بيانان : أحدهما المقيّد وثانيهما قوله : « الميسور » بالنسبة إلى الحالتين. ولا ضير فيه بوجه ، لعدم اختلافه باختلاف أحواله وطواريه كما قدّمنا.
__________________
(١) في ( ق ) : « الإطلاق ».
(٢) لم يرد « قوله » في ( ق ).
(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، الحديث ٢٠٥ ، وفيه : لا يترك بالمعسور.
(٤) في ( ق ) : « الترتّب ».
(٥) في ( ق ) : « التقييد ».
(٦) لم يرد « قوله » في ( ق ).